تراه إذا ما جئته متهلّلاً ... كأنّك تعطيه الذي أنت سائله
هو البحر من أيّ النّواحي أتيته ... فلجّته المعروف والجود ساحله
جواد إذا ما جئت للجود طالباً ... حباك بما تحوي عليه أنامله
أولى الناس بهذا الوصف هو رسول الله صلى الله عليه و سلم أعظم الناس جوداً و اسخاهم بذلاً و اجزلهم عطاءً ومن صور جوه وسخائه و عطائه الذي أبدع صلى اله عليه و سلم في بثه و نشره بين الناس عموماً و أهل بيته على وجه الخصوص الأنس و السرور و اقتناص الفرص لملأ الحياة الأسرية بالهناء و السعادة ، تأمل معي هذه المواقف لترى كم نحن اليوم في أمس الحاجة إلى العودة إلى المدرسة النبوية نتعلم فيها فنون الحب الأسري :
1/ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: زَارَتْنَا سَوْدَةُ يَوْمًا فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا إِحْدَى رِجْلَيْهِ فِي حِجْرِي، وَالْأُخْرَى فِي حِجْرِهَا، فَعَمِلْتُ لَهَا حَرِيرَةً، أَوْ قَالَ: «خَزِيرَةً» فَقُلْتُ: كُلِي، فَأَبَتْ فَقُلْتُ: \" لَتَأْكُلِي، أَوْ لَأُلَطِّخَنَّ وَجْهَكِ، فَأَبَتْ، فَأَخَذْتُ مِنَ الْقَصْعَةِ شَيْئًا فَلَطَّخْتُ بِهِ وَجْهَهَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجْلَهُ مِنْ حِجْرِهَا تَسْتَقِيدُ مِنِّي، فَأَخَذَتْ مِنَ الْقَصْعَةِ شَيْئًا فَلَطَّخَتْ بِهِ وَجْهِي، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ، فَإِذَا عُمَرُ يَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُومَا فَاغْسِلَا وُجُوهَكُمَا، فَلَا أَحْسِبُ عُمَرَ إِلَّا دَاخِلًا ) رواه النسائي و قال العراقي أسناده جيد
لقد كانت السمة البارزة للنبي صلى اله عليه و سلم إدخال الأنس و السرور بل كان صلى الله عليه و سلم يستغل الفرص و الأحداث اليومية لتعميق الحب و إضفاء الأنس على حياته الزوجية و تأمل معي الموقف التالي :
2/ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ فَقَالَ « وَهَذِهِ ». لِعَائِشَةَ فَقَالَ لاَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ » فَعَادَ يَدْعُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ( وَهَذِهِ ). قَالَ لاَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ( لاَ ). ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ( وَهَذِهِ ). قَالَ نَعَمْ فِى الثَّالِثَةِ. فَقَامَا يَتَدَافَعَانِ حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ. رواه مسلم
فهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يمتنع عن إجابة دعوة جاره إذا لم ترافقه زوجه وهي رسالة محبة عنوانها : لا يطيب لي الطعام إذا لم تشاركيني فيه فكم يؤصل هذا الفعل النبوي من روابط المحبة و يعمق من أواصر الوداد قال النووي رحمه الله : و هذا من جميل المعاشرة و حقوق المصاحبة و آداب المجالسة المؤكدة .
بل كان صلى الله عليه و سلم يتفنن في إضفاء الأنس على حياته الزوجية حتى عند الخلاف و تأمل معي الموقف التالي
3/ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِىَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ وَتَنَاوَلَهَا أَتَرْفَعِينَ صَوتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ فَحَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَالَ فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا ( أَلاَ تَرَيْنَ أَنِّى قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ ) قَالَ ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا قَالَ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْرِكَانِى فِى سِلْمِكُمَا كَمَا أَشْرَكْتُمَانِى فِى حَرْبِكُمَا.) رواه الإمام أحمد و صححه الألباني
أخي المبارك الحب الصادق عطاء متواصل كالعين التي لا تنضب تتدفق فتروي كل ما حولها ، الحب الصادق يفتح مغاليق القلوب و يأسرها ، الحب الصادق يصهر جبال المشاكل و يحيلها إلى جبال ثلجية ما إن تلامس حرارة قلب ينبض بالحب إلا و سارعت بالذوبان فما اجمل الحب يملأ أرجاء بيوتنا .
كم نحن في أمس الحاجة إلى أن نتأسى برسول الله ليحل السعد في بيوتنا إننا لا بد أن نعلم أن في المرأة عوج و أنك لن تستمتع بالحياة إلا إذا صبرت على ذلك العوج و استمتعت بالحياة معها على عوجها لنتأمل أخوتنا الأحبة قول المصطفى صلى الله عليه وسلم (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ) متفق عليه.
قال الإمام ابن حجر : وفي الحديث سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر علي عوجهن وأن من رام تقويمها فاته الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه فكأنه قال الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها .
ليكن شاخصاً أمام أعيننا قول الحبيب صلى الله عليه وسلم (لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ ) رواه مسلم
قال ابن حبان رحمه الله : من لم يعاشر الناس على لزوم الإغضاء عما يأتون من المكروه ، و ترك التوقع لما يأتون من المحبوب كان إلى تكدير عيشه أقرب منه إلى صفائه .
أخي قد يعتري حياتك ما يكدر صفوها ربما رأيت وسمعت من زوجك ما يغضبك ولكن ينبغي أن تكون صاحب القلب الكبير والنفس الرحيمة والروح الوديعة فتصبر عليها وتحلم كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل قال الإمام الغزالي رحمه الله : واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها والحلم عند طيشها وغضبها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
منقول
:العرب اشقاء: